ﻗﺎﻝ ﻋﺼﻔﻮﺭ ﺻﻐﻴﺮ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﻭ ﻫﻤﺎ
ﻳﻘﻔﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺳﻔﺢ ﺍﻷﺧﺪﻭﺩ : ﻫﻴﺎ ﺑﻨﺎ
ﻧﻄﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻻﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺒﻞ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ : ﻻ ﺇﻧﻲ ﺧﺎﺋﻒ , ﺳﻨﺴﻘﻂ
ﻓﻲ ﺍﻷﺧﺪﻭﺩ , ﺳﻨﻤﻮﺕ
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﻭﻝ : ﻻ ﻟﻦ ﻧﻤﻮﺕ , ﺩﻋﻨﺎ ﻧﺤﺎﻭﻝ
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﺧﺮ : ﻻ ﺣﺎﻭﻝ ﺃﻧﺖ ﺑﻤﻔﺮﺩﻙ ,ﺃﻧﺎ
ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻣﻮﺕ
ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻌﺼﻔﻮﺭ ﺍﻷﻭﻝ ﻭ ﻧﺠﺢ , ﺣﻠﻖ
ﻋﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺧﺎﻑ ﺍﻥ ﻳﻄﻴﺮ ﻣﻊ ﺻﺎﺣﺒﻪ
ﻓﻈﻞ ﻭﺣﻴﺪﺍ ﻳﺮﺗﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭ ﺍﻟﺒﺮﺩ
ﻭﻧﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭ ﺍﻟﻌﻄﺶ ﻣﺒﻠﻐﻪ ﻭ
ﻇﻞ ﻳﺒﻜﻲ ﻣﻦ ﻣﺼﻴﺮﻩ ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻊ .
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻗﺮﺍﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ . ﺗﺤﻤﻞ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺑﻴﻦ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﻭ ﺍﻟﺪﺭﻭﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ
ﻧﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻖ ﺍﻷﺳﻔﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ
ﻓﺎﻟﺨﻮﻑ ﻫﻮ ﻋﺎﺋﻖ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﻋﻮﺍﺋﻖ
ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ . ﺇﺍﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﺰﺭﻉ
ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺑﺪﺍﺧﻠﻬﺎ ﻭ ﺗﻈﻞ ﺗﻬﻮﻝ
ﺍﻻﻣﻮﺭ ﻭ ﺗﻜﺒﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﺒﺢ
ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻥ ﻧﻘﻀﻲ
ﻋﻠﻴﻪ , ﻛﻠﻤﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﺇﻧﺠﺎﺯ ﺷﺊ
ﻭ ﻓﺸﻞ ﻓﻴﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺣﺶ
ﻛﺒﻴﺮ ﻳﻌﻮﻗﻪ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﻮﻑ
ﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﺘﺒﻬﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻋﺘﻘﺎﺩ
ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺳﻠﺒﻲ ﻭ ﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﻣﺤﺎﺭﺑﺘﻪ ﻭ
ﺗﻐﻴﻴﺮﻩ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺣﻘﻘﻨﺎ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻭ
ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻥ ﻧﻀﻊ ﺍﻧﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻭﻟﻰ
ﺧﻄﻮﺍﺕ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ
ﻟﺬﺍ
ﻻ ﺗﺪﻉ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻳﺄﺳﺮ ﺍﻓﻜﺎﺭﻙ ﻭ ﻳﺤﺴﺮ
ﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻚ ﻷﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ
ﻻ ﺩﺍﻋﻲ ﻟﻠﺨﻮﻑ ﻣﺎ ﺩﻣﺖ ﻣﺆﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭ
ﺗﻌﻠﻢ ﺍﻥ ﻟﻦ ﻳﺼﻴﺒﻚ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻚ
ﻭ ﺗﺬﻛﺮ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭ ﺳﻠﻢ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ )ﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ
ﻟﻴﺨﻄﺄﻙ ﻭ ﻣﺎ ﺃﺧﻄﺄﻙ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺼﻴﺒﻚ (
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺳﻠﻢ
) ﺍﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻌﻚ ﻭﺍﺳﺘﻌﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ
ﻭ ﻻ ﺗﻌﺠﺰ (
ﺗﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﺧﻄﺎﺋﻚ ﻓﺄﻧﻲ ﻗﺮﺃﺕ ﻣﻘﻮﻟﺔ
ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﻔﻘﻲ ﺗﻘﻮﻝ
) ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺸﻞ ﻭ ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ
ﺧﺒﺮﺍﺕ (
ﺇﻥ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﻧﻜﺘﺴﺒﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻧﺤﺼﻞ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻧﺮﻳﺪ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ :ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻼ ﺳﻬﺮ
ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ
ﻭﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻼ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻛﺪ
ﺃﺿﺎﻉ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ
ﻓﻜﺮ ﻭ ﺍﻧﺠﺰ ﻓﻲ ﺣﺪﻭﺩ ﻳﻮﻣﻚ
ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻳﻠﻴﺎ ﺃﺑﻮ ﻣﺎﺿﻲ
ﻳﺎ ﻣﻦ ﺗﺤﻦ ﻟﻐﺪ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻪ
ﻗﺪ ﺑﻌﺖ ﻣﺎ ﺗﺪﺭﻱ ﺑﻤﺎ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ
ﻓﻼ ﺗﺪﻉ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﻨﺴﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ
ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻲ ﻳﻮﻣﻚ ﻟﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﻻ
ﺗﻌﻠﻤﻪ ﻭ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﺣﻔﻆ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺧﺎﺀ ﻟﻴﺤﻔﻈﻚ ﻓﻲ
ﺍﻟﺸﺪﺓ
ﺣﺪﺩ ﺍﻫﺪﺍﻓﻚ ﺍﺟﻌﻠﻬﺎ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﺍﻣﺎﻣﻚ ﻭﻻ
ﺗﺠﻌﻞ ﺷﺊ ﻳﻌﻄﻠﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ
ﻗﻴﻞ )ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻻ ﻫﺪﻑ ﻓﺈﻧﻚ ﺳﺘﺼﺒﺢ
ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ (
ﻭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ) ﺍﻟﻤﻠﺘﻔﺖ ﻻ
ﻳﺼﻞ (
ﻓﻼ ﺗﺘﺮﻙ ﻓﺮﺻﺔ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺟﺰﺀﺍ
ﻣﻦ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ ﻭ ﻳﻌﻄﻠﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻭ ﺭﺑﻤﺎ
ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﺰﺭﻉ ﺑﻚ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ
ﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﺑﻠﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ ﻫﺪﻑ ﻓﻼ ﺗﺪﻋﻪ
ﻳﺤﻘﻖ ﻫﺪﻓﻪ )ﺃﻥ ﻳﻐﻮﻳﻚ ﻭ ﻳﺒﻌﺪﻙ ﻋﻦ
ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ( ﻭ ﻫﻮ ﻳﻜﺮﻩ ﺭﺅﻳﺘﻚ
ﻧﺎﺟﺤﺎ ﻓﻼ ﺗﻌﻄﻴﻪ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ
ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺜﻼ ﺍﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺎ ﻳﻘﻮﻝ ) ﻓﻲ ﻛﻞ
ﺣﻴﺎﺓ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﻣﺄﺳﻮﻳﺔ ﻭ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ
ﻳﻮﻗﻈﻨﺎ(
ﻧﻌﻢ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻫﺬﺍ ﺻﺤﻴﺢ ﻓﺄﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪ
ﻭ ﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺍﻻﻧﺤﺪﺍﺭ ﻭ
ﺗﻐﻠﻖ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ ﻓﻲ ﻭﺟﻬﻚ ﻭ ﻳﺒﻘﻰ
ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﻟﻚ , ﺛﻢ ﻓﺠﺄﺓ ﺗﺠﺪ
ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖ ﻭ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺗﺤﺴﻨﺖ ﻓﻲ
ﻟﺤﻈﺎﺕ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺘﻮﻗﻌﻬﺎ ﻭ ﺗﺠﺪ ﻧﻔﺴﻚ
ﻓﻲ ﺃﺣﻦ ﺣﺎﻝ
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ( ﺇﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺴﺮ ﻳﺴﺮﺍ)
ﻣﻊ ﻭ ﻇﺮﻑ ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﻓﺈﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻜﺮﺏ
ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻔﺮﺝ ﻭ ﻟﻜﻦ ﻧﺤﻦ ﻣﻦ ﻫﻮﻝ
ﺍﻟﻤﺼﻴﺒﺔ ﻧﻨﺴﻰ ﺍﻥ ﻧﺮﻯ ﻣﻌﻴﺔ ﺍﻟﻠﻪ
ﻫﻤﺴﺔ
ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﻴﺐ ﺃﻥ ﺗﻔﺸﻞ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻌﻴﺐ ﺃﻻ
ﺗﺤﺎﻭﻝ ﻭ ﺗﻜﺴﺮ ﺣﺎﺟﺰ ﺍﻟﺨﻮﻑ
ﺗﺬﻛﺮ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺍﻥ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻳﻜﻔﻴﻚ
ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻘﻤﺔ , ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ , ﻭ
ﺍﺭﺳﻢ ﺃﻓﻀﻞ ﻟﻮﺣﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺑﻴﺪﻙ